ليس سهلا فى زماننا أن تعلى شأن الإنسانية فى نفسك
لتحكم بها كل أفعالك
كثيرا ماانخلع قلبى
لطفل يبكى وهو يشير إلى قطعة من الحلوى
لعجوز مهمل فى الطريق يبصق عليه السادة الكبار
لضعيف فقير يداس تحت الأقدام فلا يؤبه له
ولايلتفت إلى أحاسيسه ووجدانه
لببسيط يحب فى طهروسمو
ولا يستطيع أن يطلب محبوبه إلى الزواج
فضلا عن أن يقترب منه
...
بإمكانك
أنت الآخر أن تحكى لنا عن مئات الموقف الشبيهة التى تُغتال فيها مساحة الإنسانية
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
قال لى أغرب مافيك أنك تكسب الناس جميعا
ولكن المدهش حقا أنك تعامل الخادم كأنه سلطان وتعامل العظيم المتعجرف على أنه مجرد إنسان بسيط
وجميع النوعيات تحترمك
فكيف يكون ذلك
؟
؟
؟
قلت وأنا أبتسم:
هذا لون من الذكاء الاجتماعى
لايدركه إلا من خبر طباع الناس
وعرف خباياأفكارهم
علاوة على أننى إنسان أخاطب فى الناس إنسانيتهم
فأرفع شأن الضعيف
وأوقف جموح الجامح الظالم
:
إن الإنسان البسيط
والفقير
ومحدود الوضع الاجتماعى
يتجه بكامل عواطفه تجاه كيان من يحترمه
ذلك أن الإنسان الفقير فى وضعه الاجتماعى مثلا
لايسمع عادة ولاتُوجه إليه كلمة إطراء أو إكبار
وهى أدنى حقوقه كإنسان
^
^
^
فإذا شعرت- أنا - الإنسان - أن هذا الكيان الماثل أمامى
له مشاعره وكيانه
وعاملته على هذا الأساس
إنسان يشعر ويحب
له أحلامه وأمانيه..
فلا أقل من أن أحقق له ذلك بكلمة تعظيم
وأن أشاركه حياته كإنسان
له نفس مالى من أحلام وتطلعات..
ولا أقل من أن يبادلنى مشاعر الحب والاحتواء والتقدير
^
^
^
أما هذا المتعجرف المتكبر المغرور..
الذى ينظر لنفسه نظرة استعلاء
ويظن نفسه فوق البشر.
. وينظر إليهم من برجه العاجى
فإنه لايتوقف أبدا بشىء من الإعجاب
إلا لمن يرمقه بنظرة كلها استخفاف
ومن يرى فيه - هو- قيمة أقل
ومن يبادله شعور المقت والصغار
حتى وإن كان أقل منه شأنا ومقاما ووضعا
وكأنه أخذ يتساءل فيما بينه وبين نفسه :
(كيف جاز لهذا الصغير أن يتعامل معى بهذا الشكل مع مابيننا من فارق كبير)؟
(وماالذى دفعه إلى مبادلتى نظرة التعالى مع ماله من كيان فقير)
؟
؟
هنا يتحول اهتمامه - هو- إلى الأقل منه
ويستجيب -هو- لطاعته
لأنه أُجبر على الالتفات لمن هو أكثر أهمية أمام نفسه
^
^
إنه الاعتزاز بالنفس ذلك الغِنى الذى لايتحصل عليه الكثيرون
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
من هنا
:
فهل ترى أن التعامل الاجتماعى فن؟
وهل لايحتقر الإنسان فى معاملاته إلا الضعيف؟
وهل بإمكان الإنسان أن يكون غنيا وكبيرا
وعظيما بنفسه وفهمه وكيانه
وإن كان ضعيف الإمكانات ماديا واجتماعيا؟
هل تعتقد بالفعل أن الإنسان يخضع لمن هو أقوى منه نفسيا
وإن كان-هو - أقوى منه ماديا؟
هل يحب الإنسان المديح؟
وهل من طبيعة النفوس البشرية أنها تركن إلى من يعلى شأنها وإن كان هذا من الكذب؟
أيكون من أسباب ضعف الشعوب حالة استمراء الذل والخضوع للمارد المنتفخ داخل كل سيد ورئيس
فى البيت
والعمل
و الشارع
والمكتب...؟
أتكون الحاجة سببا آخر فى الانحناءوالتوسل
حتى مع الحارس الذى يقف على باب الحمام العمومى
لأنك فى حاجة -أعزك الله -لأن تُفرغ بولة تؤلمك
وهى نفسها الشربة التى جعلتك تنحنى لآخر لتروى بها ظمأك؟
أليس من اللائق أن نعترف أن الناس جميعا محتاجون لبعضهم؟
وأن تبادُل دور السيادة
يجعل الناس جميعا متساوين فى القدر والتعظيم بقدر احتياجهم لبعضهم؟
هل هناك علاقة بين الحاجة والتقدير؟
بين التودد والعوز؟
بين الارتقاء والمجاملة؟
وهل المجاملات لون من النفاق والرشوة العاطفية والنفسية؟
أين الفهم فى تعاملات الناس؟
ماهذه الحياة؟
ربما لم يكن هنا رابط -فى ظنك- بين بداية الموضوع ونهايته
غير أنى قد أنتقد العظيم لإخضاعه
وقد أُعلى شأن الحقيرلاكتسابه
وكلها معاملات اجتماعية
فى
زاوية
^
منكسرة
^
تحتاج إلى من يعدل اعوجاجها
!
!
!
لتستقيم الحياة